بسم الله الرحمن الرحيم
مصادر القانون الاداري
لا تختلف مصادر القانون الاداري عن مصادر فروع القانون الاخرى، و يتميز في هذا الصدد على الاقل بثلاث مصادر أساسية: التشريع، العرف، الأحكام القضائية او القضاء.
سنحاول معالجة هذا الموضوع بالإعتماد على التصميم الآتي:
الفقرة الأولى: التشريع
1_ الدستور
2_القوانين التنظيمية
3_القوانين العادية
4_النصوص التنظيمية
الفقرة الثانية: الاجتهاد القضائي
الفقرة الثالثة: العرف
الفقرة الأولى: التشريع
يقصد بالتشريع وضع و تقرير المبادئ و القواعد القانونية بواسطة السلطة المختصة عبر نصوص مقننة، و قد يكون هذا التشريع دستوري او يتعلق يتعلق بالقوانين التنظيمية او العادية كما انه قد يكون او ينتمي الى النصوص التنظيمية التي تضعها السلطات التنظيمية .
يخضع التشريع كمصدر للقانون الاداري لمبدأ " التسلسل الهرمي " بحيث يخضع النص الادنى درجة للنص الاعلى درجة و لا يخالف قواعده.
1_ الدستور
يعتبر الدستور القانون الأساسي و الاسمى الدولى، فهو اعلى قانون تخضع له جميع السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية، و لذالك فقواعد القانون الاداري يتعين أن تحترم احكام الدستور و تساير التوجيهات العامة التي يضعها.
و بالتالي فالدستور المغربي يتضمن الكثير من المبادئ و الفصول التي تهم الإدارة و القانون الاداري نذكر من اهمها:
الفصل 135، حيث ينص على أن " الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات و العمالات و الاقاليم و الجماعات. الجماعات الترابية اشخاص معنوية، خاضعة للقانون العام، تسيير شؤونها بكيفية ديمقراطية. تنتخب مجالس الجهات و الجماعات بالاقتراع العام المباشر. تحدث كل جماعة ترابية اخرى بالقانون...".
الفصل 138، هذا الفصل يتحدث عن انه " يقوم رؤساء مجالس الجهات، و رؤساء مجالس الجماعات الترابية الاخرى، بتنفيذ مداولات هذه المجالس و مقرراتها".
الفصلين 71 و 72 هذان الفصلين نجدهما يضعان بكيفية دقيقة كلا من مجال القانون اي اختصاصات البرلمان و المجال التنظيمي اي مهام و اختصاصات الجهاز التنفيذي.
من خلال الفقرة السابقة فالفصل 71 يحدد مجال اختصاص البرلمان او القانون، اما الفصل 72 فهو ينص على أن المواد التي لا يشملها القانون يختص بها المجال التنظيمي.
الفصل 90 يقضي بأنه " يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، و يمكن ان يفوض بعض سلطه للوزراء".
الفصل 81 الذي يقضي بأنه " يمكن للحكومة ان تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، و باتفاق مع اللجان التي يعانيها الامر في كلا المجلسين، مراسيم القوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية".
الفصل 89، باعتبار الإدارة امتداد للحكومة فقد نص هذا الفصل من الدستور على أن الحكومة " تمارس السلطة التنفيذية. و تعمل تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي و على ضمان تنفيذ القوانين. و الإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الاشراف و الوصاية على المؤسسات و المقاولات العمومية".
وضع الدستور إضافة إلى كل ما سبق مجموعة من المبادئ القانونية التي تلعب دورا اساسيا كمصدر للقانون الاداري و مثال ذلك:
_مبدأ المساواة امام القانون و امام المرافق العامة
ايضا كرس الدستور مجموعة من الحقوق و الحريات :
_ حرية التجول
_ حرية الاستقرار
_ حرية تأسيس الجمعيات و الانخراط فيها،
_ حق الإضراب
_حق الملكية ..
2_ القوانين التنظيمية
باعتبار التشريع مصدرا من مصادر القانون الاداري فهو يتضمن كدرجة ثانية بعد الدستور القوانين التنظيمية التي تأتي في المرتبة بعد الدستور و هي في نفس الوقت التي ينص عليها الدستور.
لقد اناط دستور 2011 بالقوانين التنظيمية تنظيم عدد من المجالات و تحديد قواعد سير بعض المؤسسات الدستورية و كيفية تركيبها و تكوينها، و ذلك على سبيل الحصر، و يتعلق الأمر بمجالات و مضامين القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011 التالية:
_الفصل 5 : قانون تنظيمي يحدد بموجبه مراحل تفعيل الطابع الرسمي الأمازيغية.
_الفصل 7 : القانون التنظيمي المتعلق بالاحزاب السياسية.
_الفصل 10 : قانون تنظيمي خاص بالمعارضة البرلمانية.
_الفصل 14 : قانون تنظيمي يحدد بموجبه شروط و كيفيات تقديم اقتراحات و ملتمسات في مجال التشريع من طرف المواطنات و المواطنين.
_الفصل 15 : قانون تنظيمي يحدد شروط كيفيات تقديم عرائض الى السلطات العمومية من طرف المواطنات و المواطنين.
_الفصل 29 : قانون تنظيمي متعلق بحق الإضراب.
_الفصل 44 : القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية.
_الفصل 49 : قانون تنظيمي متعلق بالتعيين في المناصب العليا.
_الفصل 62 : القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
_الفصل 63 : القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشاري.
_الفصل 67 : قانون تنظيمي متعلق بلجان تقصي الحقائق.
_الفصل 75 : القانون التنظيمي المتعلق بقانون المالية.
_الفصل 87 : قانون تنظيمي متعلق بتنظيم و تسيير اشغال الحكومة.
_الفصل 112 : قانون تنظيمي متعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
_الفصل 116 : قانون تنظيمي متعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية.
_الفصل 131 : القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية.
_الفصب 133 : قانون تنظيمي متعلق بالدفع بغدم دستورية القوانين.
_الفصل 146 : قانون تنظيمي متعلق بالجهات و الجماعات الترابية.
_الفصل 153 : القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي.
3_ القوانين العادية
يتعلق الأمر بالقوانين التي تصدر عن الجهاز التشريعي، و بالرجوع الى 71 من الدستور نجده يحدد بصفة دقيقة المجالات التي يختص بها التشريع العادي منها و ضمنها قوانين تنظم المجال الاداري.
و تجدر الإشارة إلى أن المواد التي لا يشملها القانون تدخل في المجال التنظيمي الدي تنفرد به الجهاز التنفيذي، و خاصة رئيس الحكومة الذي يمارس إختصاصاته عبر قرارات تنظيمية تصدر في شكل مراسيم.
4_ النصوص التنظيمية
يتحتم علينا التمييز بين المجال التنظيمي بين نوعين من القرارات التنظيمية :
◀️القوانين التنظيمية التنفيذية للقوانين: هي القرارات التي يتخذها الجهاز التنفيذي، و ذلك لتنفيذ القوانين التي تصدر عن البرلمان.
◀️القرارات التنظيمية المستقلة: هي التي تشمل كل المجال التنظيمي للحكومة الذي يمارسه رئيس الحكومة، و يبقى بإمكانه تفويضها لباقي الوزراء.
الفقرة الثانية: الاجتهاد القضائي
سبقت الإشارة إلى أن القانون الاداري هو قانون قضائي اي ان القاضي يلعب فيه دورا انشائيا و ابداعيا في تاويله للقاعدة القانونية، بحيث عند عدم وجود القاعدة القانونية فإن القاضي الاداري يخلفها و ينشئها، و الحقيقة ان القاضي يقوم بدور قد يفوق دور المشرع في وضع القاعدة القانونية، و بالتالي ثار نقاش حاد في الفقه الاداري حول حدود سلطة القاضي في خلق القاعدة القانونية، بحث انقسم الفقه الى اتجاهين:
◀️الاتجاه الاول: حاول تفسير الاجتهاد القضائي كمصدر للقانون، و اعتبرها مسألة عادية، و في نفس الوقت ضرورية لعدم وجود تقنين في المجال الاداري و للتطورات التي تعرفها الادارة بصفة عامة
◀️الاتجاه الثاني : عارض فكرة الاجتهاد القضائي كمصدر للقانون الاداري، و ذلك بناء على عدة انتقادات من اهمها :
انه في الاصل و حسب مبدأ الفصل بين السلطات فإن القاضي لا يملك سلطة خلق القواعد القانونية بل يطبق القواعد القانونية التي هي من وضع المشرع، و اذا ما سمحنا للقاضي الاداري حسب هذا الاتجاه الفكري ان يضع عبر أحكامه قواعد لم يعلن عليها المشرع فإننا حينئد نكون امام قاضي يقوم بالوظببا التشريعية اي وظيفة تخرج مبدئيا من إختصاصاته.
الفقرة الثالثة: العرف
يلعب العرف دورا مهما في تكوين بعض القواعد الدستورية و المدنية كما له دور في خلق القواعد الإدارية، و كما عرفه البعض فهو " إتباع السلطة الاداالإ المختصة لاسلوب معين في تسيير و تنظيم المرافق العامة واستمرارها على اتباع هذا الاسلوب مدة من الزمن".
يقوم العرف الاداري بتوفير ركنين : الركن المادي و الركن المعنوي.
الاول اي الركن المادي فيقصد به اتباع الإدارة بقاعدة معينة بفترة زمنية على اساس ان يكون تصرفها عاما و منتظما و الا يكون مخالفا للقانون.
الركن المعنوي يقصد به أن يستقر في الأذهان الاعتقاد بضرورة احترام و تطبيق القاعدة العرفية و توقيع جزاء على من يخالفها.
اترك لنا كلمة طيبة لتحفيزنا على المزيد
تعليقات: 0