بسم الله الرحمن الرحيم
أساليب الضغط على الإدارة لتنفيذ الاحكام
و يمكن المتضرر ايضا ان يطالب بتوقيع جزاءات على الموظف الممتنع عن التنفيذ، كما يمكنكه ان يلجأ لمؤسسة ديوان المظالم، الشبيهة بنظام الوسيط "le médiateur " في فرنسا و نظام الامبدسمان " ombudsman" في اسكندينافيا، باعتبارها مؤسسة مستقلة عن باقي السلطات، و تملك وسيلة معنوية فعالة للضغط تتمثل في التقرير الذي تنجزه بشأن الحالة، و الذي يتم عرضه على انظار الملك.
الفقرة الأولى: الضغط الذي يمارسه المتضرر
يمكن للشخص الذي صدر الحكم لفائدته و إمتنعت الإدارة عن تنفيذه، ان يلجا للسلطة الرئاسية العليا التي تعلو السلطة المصدرة للقرار، او يلجأ للسلطة التي تمارس عليها الوصاية، اذا كانت تتمتع بالشخصية المعنوية العامة.الا ان فعالية هذه الوسيلة تبقى رهينة بتبسيط تقنيات العمل الإداري، و العمل على تجاوز التعطيل الذي تعرفه المراسلات، و ضرورة الاسراع في الإجراءات.
كما يمكن للشخص المعني بالامر ان يرفع دعوى يطالب فيها بإلغاء قرار الإدارة بعدم تنفيذ الحكم القضائي، و ذالك عن طريق دعوى تجاوز السلطة.
و في هذا الإطار فإن القضاء الاداري و اطلاقاا من المبادئ التي أرساها حكم كيرا، تدخل حينما رفضت هذه الأخيرة تنفيذ الحكم قضائي صادر لصالح السيد طيبول جان موريس يقضي بإفراغ ارض مملوكة له من مجموعة اشخاص يحتلونها بدون سند، حيث كرر نفس الحيثية المتضمنة في حكم كيرا " حيث إن تجاهل السلطات الإدارية للاحكام النافذة المفعول و المذيلة بصيغة التنفيذ يشكل ماعدا في ظروف استثنائية شططا في استعمال السلطة.... ". كما يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض او بالالغاء و التعويض معا.
بيد أن تفوق الادارة و انعدام نص قانوني يجرم تصرفها لن يغير الوضع بعد صدور الكما القضائي الثاني.
على الرغم من هذه الإمكانيات المتاحة للمحكوم له الا أنها تبقى مع ذلك جد محدودة، لان جوهر الشكل يظل قائما و هو عدم رغبة الإدارة في تنفيذ الاحكام، او تنفيذها حسب ما تقتضيه اوضاعها و يتماشى مع رغبتها.
الفقرة الثانية: الضغط الذي يمارسه القاضي
ان القاضي الاداري المغربي يتحتم عليه استعمال اسلوب الضغط المالي على الادارة، خاصة في هذه الظروف التي ينعدم فيها تواجد نص قانوني يلزم الإدارة بتنفيذ الاحكام القضائية اتجاهها كلما إمتنعت او تماطلت في هذا التنفيذ، لذلك فإن الاجتهاد القضائي المغربي حاول من خلال مجموعة احكام ممارسة ضغوط على الإدارة من اجل تنفيذها على الأحكام الصادرة في مواجهتها، سواء عن طريق الحجز على اموالها او من خلال نهج اسلوب الغرامة التهديدية.1-الحجز على الاموال العمومية
يعتبر الحجز على الاموال احد انواع التنفيذ الجبري التي تطبق في إطار القانون الخاص و التي يتعذر ممارستها في مواجهة الإدارة الا اذا تعلق الأمر بالملك الخاص لهذه الاخيرة.مع ذلك فإن الغرفة الإدارية قضت بأن " الأحكام الصادرة في مادة التعويض عن نزع الملكية تكون قابلة للتنفيذ و لو طعن فيها بالاستئناف ما دامت الإدارة نازعة الملكية لم تطلب إيقاف تنفيذها امام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى. فالادارة في مجال نزع الملكية للمنفعا العامة ترصد مسبقا اموالا لتغطية التعويضات الناتجة عن نزع ملكية اراضي الخواص، و بالتالي تخرج بإرادتها هذه الاموال من ذمتها المالية لتخصصها للتعويض عن نزع الملكية. و بالتالي فإنها تضفي عليها صبغة خصوصية و تجعلها قابلة للتنفيذ عليها، فيحق للمنزوع ملكيتهم القيام بتلك الاجراءات القانونية للتنفيذ على هذه الاموال بما في ذلك مسطرة الحجز لدى الغير .
2-الغرامة التهديدية
على الرغم من أن الغرامة التهديدية تعتبر صورة من صور التنفيذ الجبري، الذي لا يمكن ممارسته ضد الإدارة ما دامت انها تحصل على ما لها من حقوق، و تنفذ ما عليها من التزامات دون اجبار او اكراه، وان طلب الغرامة التهديدية يتنافى و قاعدة قاضي الإلغاء يقضي و لا يدير، ما دام اجبار الإدارة على تنفيذ الغاء القرار في إطار دعوى الإلغاء، و في غياب نص تشريعي يسمح بهذه الإمكانية يعتبر غير مؤسس قانونيا.
مع ذالك فإن المحاكم الادارية من خلال مجموعة من الأحكام جعلت موضوع الغرامة التهديدية كوسيلة الجبار الإدارة على تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة ضدها يتخذ تطورا كبيرا، و ذلك بالاستناد الى مقتضيات الفصل 448 من ق.م.م.
في هذا الإطار صرحت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم لها بتاريخ 6 مارس 1997 بأنه " لا يوجد اي نص قانوني يستثني الإدارة من فرض غرامة تهديدية عليها في حالة امتناعها عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر في مواجهتها...".
و في نفس السياق حكم قاضي المستعجلات من خلال حكم صادر عن إدارية وجدة بتاريخ 15/10/1998 على الإدارة بغرامة تهديدية لحملها على احترام الامر بإيقاف اشغال البناء فوق المتنازع حولها.
الفقرة الثالثة: ربط مسألة التنفيذ بمسؤولية الإدارة
تجد مسؤولية الإدارة وموظفيها أساسها انطلاقا من الفصلين 79 و 80 من ق.ل.ع. وإذا كانت هذه المسؤولية كقاعدة عامة تنعقد على أساس وجود خطأ وضرر وعلاقة سببية بينها أو تنعقد بدون خطأ، فأين تتجلى لنا مسؤولية الإدارة فيما يتعلق بعدم تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضدها؟إن امتناع الإدارة أو تماطلها في تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضدها بدون وجود مبرر مقبول ، يعتبر خطأ من جانبها.
وتحقق مسؤولية الإدارة يتلازم مع الضرر المحقق الوقوع الذي يمس بحق ثابت للمتضرر ماديا أو معنويا، وينبغي أن يكون امتناع الإدارة هذا، أو تعنتها هو السبب في حدوث الأضرار التي لحقت بالمحكوم له.
وإذا كانت الأخطاء التي تتسبب فيها المرافق العامة تطرح إشكالا قانونيا، من خلال تحليل مقتضيات الفصلين 79 و 80 من ق.ل.ع، ذلك أن بعض الفقه حاول تأسيس مبدأ المسؤولية شخصية للموظف المتسبب في عدم تنفيذ الحكم القضائي على قرينة أن قيام الموظفين بالمهام الموكولة إليهم من طرف الإدارة ينبغي أن يقترن بتحميلهم المسؤولية شخصيا، على اعتبار أن الامتناع عن التنفيذ هو نتيجة لهذه الإرادة البشرية التي تستخدمها الإدارة .وقد ذهبت المحكمة الإدارية بمكناس في قضية لها بتاريخ 23 يونيو 1998 إلى حد فرض الغرامة التهديدية على المسؤول الإداري بصفة شخصية باعتباره المتسبب المباشر في عدم تنفيذ حكم القضاء.
رابعا: توقيع جزاءات على الممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية
إن الموظف الذي يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي يضع نفسه أمام مسؤولية تترتب عنها عقوبات تأديبية وإن اقتضى الحال عقوبات جنائية.1- الجزاءات التأديبية
إذا كان من بين واجبات الموظف العمل على احترام سلطة الدولة كما نص على ذلك الفصل 13 من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، فإن احترام أحكام القضاء يعتبر احتراما للسلطة القضائية. وعدم احترام هذه الأحكام يجعل الموظف المسؤول في وضعية المخل والمخالف لواجباته الوظيفية.بيد أن تواجد الموظف تحت إشراف سلطة رئاسية عليا يجعل في أغلب الأحيان هذه الأخيرة هي المسؤولة الأولى عن عدم تنفيذ أحكام القضاء. ولذلك ينبغي أن تحمل الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة ضد الإدارة أمرا لرؤساء الإدارات بقصد التنفيذ، واحترام هذا الأمر يجد أساسه من كونه يصدر عن أعلى سلطة في البلاد وهو الملك، باعتباره يتواجد فوق كل السلطات، وأن الأحكام القضائية تصدر باسمه.
ومخالفة هذا الأمر لا تعفي المسؤول المعني بالأمر مهما كانت درجته في السلم الإداري من تحمل المسؤولية الجزائية.
وعلى هذا الأساس ينبغي تجاوز تلك الصيغة التنفيذية التي ينص عليها الفصل 433 من ق.م.م، والتي إن كانت نتائج تطبيقها بالنسبة للأحكام العادية شبه فعالة، فإن تطبيقها بالنسبة الأحكام الإدارية لا يؤثر على الإدارات التي تصدر الأحكام في مواجهتها، على اعتبار أن الفصل السالف الذكر ينص على أنه «وبناء على ذلك يأمر جلالة الملك جميع الأعوان ويطلب منهم أن ينفذوا الحكم المذكور أو القرار، كما يأمر الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك لدى مختلف المحاكم، أن يمدوا يد المعونة لجميع قواد وضباط القوة العمومية وأن يشدوا أزرهم عندما يطلب منهم ذلك قانونا»، وبالتالي فإن استعمال القوة العمومية ضد الإدارة غير ممكن عمليا، لأن هذه الأخيرة هي التي تملك هذه القوة.
2- متابعة الموظف الممتنع عن التنفيذ جنائيا
إن عدم تنفيذ حكم قضائي من طرف الإدارة يعتبر بمثابة تحقير لهذا الحكم، وبالتالي تحقير السلطة القضائية. وفي هذا الإطار تعتبر الفقرة الثانية من المادة 266 من القانون الجنائي «أنه يعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرتين 1 و3 من الفصل 263 على الأفعال أو الأقوال أو الكتابات العلنية التي يقصد منها تحقير المقررات القضائية، ويكون من شأنها المساس بسلطة القضاء أو استقلاله».وعليه فإذا كان عدم التنفيذ جريمة يعاقب عليها جنائيا حسب ما نصت عليه المادة 63 من قانون العقوبات المصري، فإن تحميل الموظف الذي يمتنع عن التنفيذ المسؤولية الجنائية إما بحبسه
حقوقه كالعزل، سيجعل المسؤولين والرؤساء في الإدارات العمومية يحرمون او حرمانه من بعض أحكام القضاء الصادرة ضد الإدارات التي يشرفون على تسييرها .
خامسا: لجوء المتضرر إلى مؤسسة الوسيط
تعتبر مؤسسة الوسيط التي حلت محل ديوان المظالم " مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة مول، في نطاق العلاقة بين الإدارة والمواطنين المتعاملين معها أفرادا ومقاولات، محكمة الدفاع عن الحقوق والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية. كما تسهر هذه المؤسسة على تنمية التواصل الفعال بين الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين، مغارية أو أجانب، فرادى أو جماعات وبين الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية وباقي المنشآت والهيئات الأخرى الخاضعة للمراقبة المالية للدولة.وفي هذا الإطار يمكن أن تشكل هذه المؤسسة وسيلة مهمة لصالح المتقاضين يمكن من خلالها دعوة الإدارة العمومية إلى تطبيق الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها.
اتمنى ان اكون قد افدتكم.
كلمة طيبة تشجيعا لنا على المزيد 😊😊
كلمة طيبة تشجيعا لنا على المزيد 😊😊
تعليقات: 0