-->

محاربة الفساد السياسي على ضوء دستور 2011 - pdf

بسم الله الرحمن الرحيم 

محاربة الفساد السياسي على ضوء دستور 2011



للاطلاع و تحميل البحث اضغط هنا

المبحث الأول: قراءة في أدبيات مفهوم الفساد السياسي


الفساد ظاهرة تتفاعل وتتطور جدليا مع الحياة السياسية، والاقتصادية، والإدارية والاجتماعية، والثقافية لمجتمع ما خلال حقبة تاريخية معينة، فإنه من غير تعريف دقيق ومضبوط شامل وكامل لن يمكن الكشف عن أسس في البنيوية، ولا يمكن تحديد الأسباب التي أدت إلى بزوغه وظهوره، والعوامل والأسباب التي ساهمت في التنامي السريع للظاهرة، وكيف تكرس للمجتمع قابلية استمراريتها بتعدد أشكاله واختلاف صوره وأنماطه.

إضافة إلى أنه لا يمكن تفسير ماهية انتشار أنواع من الفساد في دولة معينة دون الآخر، وهكذا يمكن للتعريف شامل للفساد أن يساهم في ضبط تحديد المسؤولية للمنظمات والأشخاص الضالعة في الفساد أو المسيرة له أو المستفيدة منه، والتي لربما تتجاوز صغار المستفيدين من الفساد والذين يتم عزلهم كلما كثر اللغط عن هذه الآفة لذر الرماد في عيون المواطنين بأن الدولة أو الحكومة لا تتساهل مع الفساد، بل تعمل على محاربته بقوة. 

ويمكن القول أن الفساد ظاهرة مجتمعية متعددة الأبعاد لها تداعيات خطيرة تهدد سلامة وأمن المجتمع اتقاطبة، ومن أهم أنواع الفساد وأخطرها الفساد السياسي الذي يمثل قمة الهرم بين أنماط الفساد الأخرى كونه يتعلق بالنخبة أو الصفوة والسلطة السياسية.

بينما عرفته منظمة الشفافية الدولية بأنه:"إساءة استخدام سلطة مؤتمنة من قبل مسؤولين سياسيين من أجل مكاسب خاصة يهدف إلى زيادة السلطة أو الثروة ولا يشترط أن يشمل تبادلا للمال، فقد يتخذ شكل تبادل النفوذ أو منح تفضيل معين ".

لكن تعاريف الفساد تتعدد وتختلف سواء على مستوى اللغة أو القانون، وليس فحسب على مستوى التشريعات الوطنية والدولية، بل حتى على مستوى التشريعات الوضعية والربانية فيما يتعلق بالقرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى تعدد الاتجاهات في تفسير الفساد السياسي وأهم أبعاده، وأيضا نجده كذلك له علاقة وثيقة بأنواع الفساد الأخرى.

لذلك سنقوم بتناول هذا المبحث من خلال تقسيمه إلى ثلاث مطالب:
المطلب الأول: تحديد مفهوم الفساد.
المطلب الثاني: اتجاهات تفسير الفساد السياسي.
المطلب الثالث: علاقة الفساد السياسي بأنواع الفساد الأخرى.

المطلب الأول : تحديد مفهوم الفساد


يعتبر الفساد ظاهرة عامة، وفي العلوم السوسيواجتماعية من الظواهر المرتبطة مع بعضها بطرق مختلفة، ولا يوجد تعريف دقيق كامل شامل له، بل تتعدد تعاريفه وتختلف ليس فحسب باختلاف العلوم بل حتى على مستوى العلم الواحد. لكن سوف لن يكون تعريفا موحدا حائزا على إجماع في علوم المعرفة، ولكنه سيكون تعريفا يرفع اللبس والغموض في استعمال كلمة الفساد، فهذا الأخير هو مصطلح له معان عديدة وتعتبر المصطلحات في كل علم بمثابة مفاتيحه فعليها ينبني تطوره، ذلك أن العلم مصطلح وقاعدة ومنهج، وبالتالي لا يتأتى فهم أي علم إلا بفهم مصطلحاته وضبطها.

مما يستدعي التحقيق في ضبط كل مصطلح باعتبار أن ضبط المصطلح هو تحديد للممارسات الفاسدة وحوط للمسؤوليات في هذا المضمار.

ونجد أن الفساد مفاهيم متعددة، حيث تم التطرق إليه من خلال المنظور التربوي والنفسي، وهذا ما سنتناوله في الفرع الأول)، ومن جهة أخرى حسب منظمة الأمم المتحدة في (الفرع الثاني، بالإضافة إلى تعريفه حسب منظور الفكر السياسي، وهذا في (الفرع الثالث).

الفرع الأول: في تعريف الفساد من المنظور التربوي والنفسي


إن لفظ كلمة فساد تبقى عامة وفضفاضة، فكثيرا ما يتم التعبير عنها ومن خلالها على مجموعة من السلوكيات والتصرفات، إما مخالفة للشرع في إطار ما هو ديني، أو ما يتعارف مع ما ألفه الناس وتعاملوا عليه من عادات وتقاليد في إطار بوتقة من الأخلاقيات أو ما يخالف الأحكام القانونية والمعاملات الاقتصادية، والسياسية، والمالية وغيرها. وتبقى هذه الأفعال المستوحاة من فسيفساء مختلفة ومتنوعة خاضعة للإيديولوجيات الدينية والفلسفية وخصوصيات المجتمعات حول ما يمكن اعتباره فسادا أم لا، وهذا الحكم على هذه الأفعال يفرز بدوره من صور ومظاهر الفساد مما يكرس نوعا من الغموض والالتباس في

جديد قسم : بحوث جامعية