-->


      الباب الأول : الأحكام العامة للشركات التجاريةَ


 لم يعرف قانون الشركات الجديد الشركة التجارية. غير أننا برجوعنا إلى قانون الالتزامات والعقود نجده يعرفها في الفرع المتعلق بالقواعد العامة للشركات المدنية والتجارية - في الفصل 982 - بأنها : "... عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي ينشأ عنها". وهذا يعني أن المشرع المغربي اعتبر الشركة عقدا، إلا أن هذا التعريف الذي تبنته كثير من التشريعات لم يحظ بقبول الفقه الذي لاحظ أنه إذا کان تكوین الشركة يتطلب إبرام عقد، فإن نظرية العقد قاصرة على استيعاب الآثار القانونية الناتجة عن تكوين الشركة.

 فعقد الشركة لا يقتصر أثره، كغيره من العقود، على ترتيب التزامات على عاتق الشركاء، بل هو غالبا ما يؤدي إلى نشوة شخص قانوني جديد، شخص معنوي، هو الشركة، وهو في ذلك لا يتحكم تماما لا في تحديد الوضع القانوني لذلك الشخص - حيث للقانون دور كبير في ذلك - ولا في قيامه القانوني الذي يظل معلقا على إجراء إداري - القيد في السجل التجاري - ولا يترتب على مجرد توافق إرادة الشركاء. 

كما أن هذا الشخص المعنوي بعد قيامه هو الذي يهيمن ويسيطر على إرادة الأشخاص المشاركين في إبرام العقد خاصة في شركات الأموال، حيث تفرض الأغلبية إرادتها على الأقلية حتى فيما يتعلق بتعديل نظام الشركة، على خلاف الأصل في العقود حيث يجب حصول توافق إرادة المتعاقدين، هذا ناهيك عن أن المسيرين لم يعودوا يعتبرون وكلاء عن الشركاء بل يشكلون جهازا قانونيا للشركة يحدد القانون سلطاته ومسؤولياته، مما يجعل الشركة شخصا قانونيا مستقلا عن الشركاء له مصالحه الخاصة التي لا تتطابق دائما مع مصالح الشركاء، بل والتي قد تتعارض في بعض الأحيان مع مصالحهم.

من هنا فإن بعض الفقه جادل في الأساس العقدي للشركة انطلاقا من أن إرادة الشركاء لها دور محدود في وضع نظامها الأساسي، إذ أن المشرع تدخل في تنظيم الشركات، كافة الشركات، بقواعد آمرة حماية للادخار العام وللمصلحة العامة - وإن كان ذلك قد ظهر بشكل أكثر قوة في شركة المساهمة = فكان من نتائج ذلك أن قيدت الحرية الفردية وكثرت النصوص المتعلقة بالنظام العام فأصبحت الشركة أقرب للنظام القانوني - Institution - منها إلى العقد بحيث يكاد يقتصر دور إرادة الأطراف على التعبير عن الرغبة في الانضمام إليه أو عدم الانضمام دون مقدرة على تعديل أحكامه .

ولعل مما يزيد في تأكيد هذا الطرح انتشار شركة الشخص الواحد في التشريعات المقارنة إذ أن هذه الشركات لا يمكن اعتبارها عقودا لوجود شخص و واحد فيها، وبطبيعة الحال لا يتصور تعاقد الشخص مع نفسه، لذلك فإن : إنشاءها يعتبر تصرفا بإرادة منفردة وليس عقدا كما أن بعض التشريعات استجابت لهذه التحولات " فغيرت من نظرتها للشركة وأصبحت تتعامل معها على أنها نظام قانوني أكثر منه عقدا كما فعل المشرع الفرنسي من خلال تعديله للمادة 1832 من القانون المدني التي بعدما كانت ۔ تنص على أن :

La société est un contrat par lequel deux ou plusieurs" personnes conviennent..."
أصبحت تنص على أن :
«La société est institué par deux ou plusieurs personnes qui conviennent par un contrat d'affecter à une entreprise commune des biens ou leur industrie en vue de partager le bénéfice ou de profiter de l'économie qui
.. pourra en résulter...

حيث سعى المشرع الفرنسي من خلال هذا التعديل إلى التأكيد على الطابع النظامي أو المؤسساتي للشركة بالنص على أنها تتأسس بناء على عقد، مما يعني أنها ليست هي في حد ذاتها عقدا، بل نظاما قانونيا موضوعا بشكل مسبق، : يجري الاتفاق على الانضمام إليه بواسطة عقد.

ومهما يكن، بالنظر إلى أن شركة الشخص الواحد تعتبر استثناء من القواعد العامة، إذ يظل الأصل تطلب وجود شخصين فأكثر لإنشاء الشركة، واعتبارا لكون أن فكرة النظام القانوني لا تستبعد تماما فكرة العقد، إذ أننا أصبحنا نصادفها في كثير من العقود في القوانين الحديثة مثل عقد الشغل.

وعقود إيجار المحلات السكنية والمحلات التجارية، كما أنه من الثابت أن الشركة تنشأ بمقتضى عقد حقيقي يتم بإرادة الشركاء ويجري إبرامه وفق القواعد العامة للتعاقد، هذا بالإضافة إلى أن إبرام هذا العقد لا يترتب عليه دائما نشوء شخص معنوي مستقل - شركة المحاصة - كما أن فكرة النظام القانوني إذا كانت تصدق على شركات الأموال وخاصة شركات المساهمة، فهي لا تصدق تماما على شركات الأشخاص، حيث يحتفظ العقد بكامل سلطانه فلا يسوغ تعديل شروط العقد إلا بموافقة جميع الشركاء - فإننا سوف نتعامل مع الشركة على أنها عقد يفضي إلى إنشاء شخص معنوي مستقل، فندرس بالتالي هذا الباب من خلال فصلين نتناول في الأول منهما عقد الشركة وفي الثاني الشخصية المعنوية للشركة.

الفصل الأول : عقد الشركة

 باعتبار الشركة عقدا فأنه يجب أن تتوفر فيها الأركان العامة اللازمة لصحة العقود (فرع أول) وذلك بالإضافة إلى شروط وأركان موضوعية (فرع ثاني) وشكلية خاصة (فرع ثالث) اقتضاها القانون في هذا النوع من العقود، وإذا تخلف ركن من هذه الأركان فإن المشرع رتب عدة جزاءات عن ذلك (فرع رابع).

الفرع الأول : الأركان العامة لعقد الشركة

 يتم تأسيس الشركة بواسطة عقد يبرم بين شخصين أو أكثر طبيعيين أو اعتباريين. وهذا العقد، شأنه شأن كافة العقود، لابد أن تتوفر فيه الأركان العامة للتعاقد من رضا وأهلية ومحل وسبب.

المبحث الأول : رضا الشركاء

 يشترط لانعقاد الشركة موافقة التعاقدين على تأسيسها، إذ يجب أن يتفق الشركاء على كل ما يتعلق بشروط التأسيس من رأسمال وطبيعة النشاط وطريقة الإدارة وما إلى ذلك.

والرضا ركن جوهري لصحة عقد الشركة فإذا انتفى عند أحد الشركاء كانت باطلة، كما أنه إذا تعيب رضا أحد الشركاء بعيب من عيوب الإرادة كالغلط او التدليس أو الإكراه كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة من عيبت إرادته.

والغلط الذي يجعل العقد قابلا للإبطال هو الذي ينصب على أمر جوهري . بحيث لولاه لما كان الشريك قبل التعاقد، مثل ذلك الواقع على شخصية أحل الشركاء في شركة الأشخاص حيث تكون شخصية الشريك محل اعتبار في العقد.

وإذا كان الإكراه نادر الوقوع في الشركات فإن التدليس على خلاف ذلك كثيرا ما يحصل في الاكتتاب في شركات المساهمة ، وهو كذلك يجعل العقد كابلا للإبطال لمصلحة من دلس عليه.
وأخيرا فإنه يجب أن يكون الرضا حقيقيا، وليس صوريا بحيث يجب أن تتجه إرادة المتعاقدين حقيقة إلى تأسيس الشركة عن طريق تقديم كل واحد منهم حصة في رأس المال المشترك الذي سيستعمل لتحقيق غرض الشركة بقصد توزیع الربح وتحمل الخسارة الذي قد ينتج عن ذلك بينهم. أما إذا كان الرضا صوريا - وهو ما يحصل كثيرا عندما يريد البعض التحايل على القانون بإنشاء شركة : وهمية لا تتوفر حقيقة على العدد القانوني من الشركاء (خمسة شركاء مثلا بالنسبة لشركة المساهمة فيلجا إلى إشراك "شركاء صوربين فيها، فإن الشركة تعتبر باطلة حينئذ.

المبحث الثاني : أهلية الشركاء


 تختلف الأهلية المتطلبة في الشريك باختلاف نوع الشركة ووضعية الشريك فيها، فبالنسبة للشركاء المتضامنين في شركات التضامن، وشركات التوصية فيجب أن تتوفر فيهم الأهلية التجارية لأنهم يسألون مسؤولية تضامنية ومطلقة عن ديون الشركة، ويكتسبون صفة "تاجر" بدخولهم فيها بهذه الحنة.
أما بالنسبة للشركاء الموصيين في شركات التوصية، والشركاء في باقي أنواع شركات فيكفي أن تتوفر فيهم أهلية القيام بالتصرفات القانونية لأنهم لا يكتسبون صفة التاجر بدخولهم فيها، ولا يسألون عن ديونها إلا في حدود حصتهم في رأس المال.

ويلاحظ أن القانون يمنع إنشاء الشركة بين القاصر، ولو كان مأذونا بممارسة التجارة، وبين نائبه القانوني – سواء كان أبوه الولي عنه أو كان الوصي أو المقدم عليه – وذلك حماية له من هؤلاء الذين قد يستغلون وضعهم القانوني اتجاهه الاستثمار أمواله لمصلحتهم في شكل شركة تجمعهم به، هذا مع العلم أن إنشاء الشركة يتطلب توفر نية المشاركة من الشريك كما سنرى لاحقا، وهذا غير متوفر هنا ، بالنسبة للقاصر بالنظر لنقصان أهليته ولا يمكن اعتبار نية النائب القانوني كافية في هذه الحالة التعارض المصالح.

وبالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ، فالدولة لا يمكن لها الدخول شریکا في شركة إلا إذا أدن لها نص خاص بذلك، أما الجماعات المحلية، لم يجز لها القانون إلا المشاركة في شركات الاقتصاد المختلطة.

المبحث الثالث : المحل

 يجب أن يكون محل الشركة، أي النشاط الذي تنوي ممارسته محددا ولهذا اتصال برضا المتعاقدين الذي يجب أن يقع على محل معین تعيينا کافيا و لكي يكون صحيحا.

ويشترط في ذلك المحل أن يكون ممكنا ومشروعا، بحيث إذا كان مستحيلا . استحالة مادية - تكوين شركة مثلا لاستغلال فندقي يظهر فيما بعد أنه سبق أن - تهدم – أو استحالة قانونية - مزاولة نشا در محظور على الخواص مثلا - أو كان غير مشروع – الاتجار في المخدرات، أو التهريب أو الرق مثلا - كانت الشركة باطلة.


المبحث الرابع : السبب

 يشترط كذلك أن يكون للشركة سبب مشروع. والمقصود بالسيب في المفهوم الحديث الذي يأخذ به القانون المغربي الباعث الدافع إلى التعاقد. 

وهذا يعني أنه يجب أن يكون الباعث لدى الشريك الذي دفعه إلى التعاقد مشروعا. ولهذا اتصال بقصد جني الربح وتوزيعه بين الشركاء الذي تطلبه القانون في عقد الشركة كما سنرى لاحقا، إذ يجب أن يكون الباعث الدافع إلى التعاقد لدى الشريك هو جني الربح" أما إذا كان لديه باعث آخر وكان ذلك الباعث غير مشروع، فإن العقد يكون باطلا, وذلك مثل دخول شخص شريكا في شركة بقصد تهريب الحصة التي يقدمها فيها من دائنيه حرمانا لهم من ضمانهم العام أو بقصد التحايل على المنع من المنافسة أو من مزاولة التجارة الواقع عليه. وبحسب القضاء الفرنسي فإن السبب غير المشروع الموجب لبطلان الشركة هو الذي يشترك فيه جميع الشركاء ولو بمجرد العلم.

ويجب التنبيه أخيرا إلى أنه يجب عدم الخلط بين السبب كما حددناه أعلاه، وبين محل الشركة الذي يتعلق بنوع النشاط الذي تزاوله ، لذلك فعندما يتقرر بطلان الشركة لقيامها على استغلال دار للدعارة فذلك لعدم مشروعية المحل لا السبب.

الفرع الثاني : الأركان الموضوعية الخاصة بالشركة

 يمكن تحديد هذه الأركان انطلاقا من نص الفصل 982 ق ل ع، الذي عرف عقد الشركة، في تعدد الشركاء والمشاركة في رأس المال وقصد تقسيم الربح. وقد أضاف الفقه رکنا رابعا هو نية المشاركة انطلاقا من كون أن هذا الركن هو الذي يميز عقد الشركة عن عقود مشابهة تتوفر فيها الأركان الأخرى مثل القرض مع المساهمة في الأرباح وعقد الشغل الذي يقوم على إشراك الأجير في الأرباح.
فلنتناول كل ركن من هذه الأركان على حدة.

المبحث الأول : تعدد الشركاء

 يشترط لقيام الشركة أن تنعقد بين شخصين فأكثر، ما لم يتطلب القانون عددا أكبر كما في شركة المساهمة، حيث تطلب فيها خمسة شركاء كحد ادنى.

ولقد جاء تطلب تعدد الشركاء في القوانين التقليدية انطلاقا من أن المشاركة تفترض تعدد الذمم المالية المكونة للشركة، هذا فضلا عن أن الشركة عقد، والعقد يتطلب بداهة تعدد الأطراف، إذ لا يتصور تعاقد الشخص مع نفسه لأنه في هذه الحالة سيكون تصرفا بإرادة منفردة وليس عقدا.

غير أن هذا التصور أخذ يتراجع أمام بعض المفاهيم القانونية الحديثة التي شقت طريقها إلى بعض التشريعات المعاصرة، والتي أصبحت تقبل بإنشاء الشركة من قبل شخص واحد على أساس إمكانية إحداث تخصيص داخل الذمة المالية للشخص - بحيث تتعدد الذمم عنده - فيخصص جزءا من أمواله للشركة تتعلق بها وحدها ديون الدائنين دون غيرها من أموال صاحبها، ولقد أخذ بهذا النوع من الشركات القانون الألماني والإنجليزي وأصبح القانون الفرنسي يأخذ بها بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركات المدنية الزراعية. 

وأخذ بها الآن كذلك المشرع المغربي الذي أصبح يسمح بإنشاء الشركة ذات المسؤولية المحدودة بشخص واحد، وذلك استثناء مما ينص عليه الفصل 982 ق ل ع الذي يتطلب تعدد الشركاء، واستثناء كذلك من الفصل 1241 من نفس القانون الذي ينص على مبدأ وحدة الذمة المالية للشخص، وهذا يعني أنه باستثناء الشركة ذات المسؤولية المحدودة فإنه يشترط لقيام الشركة تعدد الشركاء المكونين لها، وإذا تقلص عددهم بعد التأسيس بحيث اجتمعت كافة الحصص أو الأسهم في يد شخص واحد، فإن كافة أصول الشركة وخصومها تنتقل إليه وتدخل في ذمته وتنحل الشركة كشخص معنوي ويصبح هو المسؤول عن ديونها (الفصل 1061 من ق لع).

 واعتبارا لكون الزوجين يحتفظان بذمتهما مستقلة في ظل التشريع المغربي - خلافا للقانون الفرنسي والعديد الآخر من القوانين الغربية ذات الأصول المسيحية - فإنه يجوز لهما إنشاء شركة بينهما .

المبحث الثاني : المساهمة في رأس المال

 يشترط لصحة تأسيس الشركة أن يقدم كل شريك حصة في رأسمالها. ويمكن أن تكون الحصة نقودا أو منقولات مادية أو معنوية أو عقارات، بل يمكن أن يقدم الشريك عمله حصة فيها، إلا أنه يجب أن يقدم أحد الشركاء على الأقل مبلغا من المال يدخل في ذمة الشركة، ويشكل ضمانة لحقوق الدائنين، وإلا كانت مدنية وليس تجارية.

ويعتبر تقديم الشريك حصة في الشركة شرطا جوهريا لقيامها. لأنه من ناحية هو الذي يمثل مقابل نصيبه فيها. فإذا لم يقدم أحد الشركاء حصته فيها. كانت باطلة لعدم وجود محل لالتزامه. ومن جهة ثانية لكون أنه من مجموعا لحصص يتشكل رأسمال الشركة الذي هو أساس ذمتها المالية ومن الناحية الاقتصادية يكتسي تقديم الحصة أهمية بالغة لأنه به يتحقق تمويل الشركة التي لا يتصور قيامها بدونه.

ويجب أن يحدد في عقد تأسيس الشركة الحصص المقدمة من قبل الشركاء وما يقابلها من نصيب كل واحد منهم. وفي حالة عدم تحديدها يعتبر أن الشركاء قد قدموا حصصا متساوية وأن لهم بالتالي أنصبة متساوية (الفصل 990 من ق ل ع).
ومن مجموع الحصص المقدمة - النقدية والعينية خاصة - يتكون رأس مال الشركة الذي يوظف في تحقيق أهدافها.
ونقترح أن نتناول مختلف أشكال الحصص على أن نتبع ذلك بتحليل رأس مال الشركة

المطلب الأول : أشكال الحصص

الحصص المقدمة للمساهمة في رأسمال الشركة إما أن تكون نقدية أو عينية ، أو أن تكون صناعية تتمثل في عمل أو خدمات يقدمها الشريك للشركة.

أولا - الخصة النقدية :
غالبا ما يقدم الشريك مبلغا من النقود حصة في الشركة. وعلى الشريك فيهذه الحالة أن يدفع ذلك المبلغ في الموعد المتفق عليه ، فإذا لم يحدد ذلك الموعد، كان المبلغ مستحق الأداء فور إبرام عقد الشركة، ما لم يقض مقتضی خاض بخلاف ذلك. وإذا ماطل- الشريك في تقديم حصته ساغ لباقي الشركاء أن يطلبوا الحكم بإخراجه من الشركة، أو أن يلزموه بتنفيذ تعهده قضاءا، وفي كلتا الحالتين يمكن مطالبته بالتعويض عما لحق الشركة من خسارة (الفصل 996 ق ل ع ).

وإذا كانت حصة الشريك في الشركة تتضمن دينا له على الغير فإن ذمته لا تبرأ إلا من وقت استيفاء الشركة لذلك الدين، مع بقائه ملزما بالتعويض عما يلحقها من خسارة عند تأخر استيفاء ذلك الدين بسبب مطل المدين (الفصل 907 ق ل ).
ثانيا - الحصة العينية
يمكن للشريك أن يقدم حصته في الشركة مالا آخر غير النقود، وهذا ما يسمى بالحصة العينية وهي تشمل كل الأموال من غير النقود ، فتشمل العقارات مثل أرض، أو مبنى أو منجم، أو مصنع أو غيره، وتشمل المنقولات المادية، مثل الآلات والبضائع ، وتشمل المنقولات المعنوية، مثل الأصل التجاري أو أحد العناصر المشكلة له أو حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية ، أو رخصة استغلال إدارية الخ...

وتخضع الحصة العينية لنفس القواعد التي رأيناها سابقا والمتعلقة بالحصة النقدية، وذلك سواء فيما يتعلق بأجل وضعها رهن إشارة الشركة، أو فيما يتعلق بالجزاءات المترتبة على تماطل الشريك في ذلك يضاف إلى ذلك ضرورة تقويم المال الشكل لتلك الحصة لتحديد قيمته، وإلا اعتبر أن الشركاء ارتضوا السعر الجاري لمثيلتها في السوق، ويعتد بقيمتها في يوم إدخالها في رأس مال الشركة الفصل 991 (ق ل ع).

وتأتي ضرورة تقويم الحصة العينية من كونها تتعلق بها حقوق الأغيار، خاصة دائني الشركة التي تشكل مواجهتها الضمان العام لديونهم، فكان من الضروري التعرف على قيمة الحصة العينية التي تدخل في تكوين رأسمالها، ولهذا أهميته القصوى خاصة في أنواع الشركات التي لا يسأل فيها الشركاء مسؤولية شخصية عن ديون الشركة، حيث ينحصر ضمان الدائنين في مواجهتها، ومن هنا سنرى فيما بعد أنه بالنسبة لهذه الأنواع من الشركات أخضع المشرع تقويم الحصة العينية لنوع من المراقبة الخارجية ضمانا لعدم المبالغة في ذلك.

ويلاحظ أنه إذا كانت الحصة العينية تتشكل من حقوق تخضع لمسطرة تسجيل خاصة ، مثل العقارات المحفظة، والأصل التجاري أو حقوق الملكية الصناعية والتجارية، فإن أنقل تلك الحصة للشركة يستوجب استيفاء إجراءات التسجيل المتطلبة بالنسبة لتلك الحقوق حتى ينتج الانتقال آثاره في مواجهة الغير.

كما يلاحظ أنه في حالة اشتمال الأصل التجاري المقدم كحصة في الشركة على حق الكراء التجاري، فإنه يجب على مقدم تلك الحصة أن يحول حق الكراء إلى الشركة بصفة قانونية وإلا بقي مسؤولا تجاه المكري عن كل ما يتعلق بذلك الكراء.

وإذا قدمت الحصة العينية في الشركة على سبيل التمليك كان الشريك ضامنا لها ضمان البائع تجاه المشتري، أما إذا قدمت على سبيل الانتفاع فإنه يكون ضامنا لها ضمان المكري تجاه المكتري (الفصل 998 ق ل ع).
ثالثا – الحصة الصناعية   L ' Apport en industrie 
 قد تكون حصة الشريك تتمثل في التزامه بأن يخصص نشاطه كله أو بعضه للشركة، وذلك بأن يضع رهن إشارتها تجربته، أو معارفه التقنية، أو المهنية أو مواهبه ووضعه المهني في السوق، لذلك فان المقصود بالحصة الصناعية العمل الفني أو الإداري المؤهل مثل عمل المهندس والمدير والمسير، وليس مجرد العمل التبعي الأجور الذي وإن كان صاحبه يحصل على نسبة من الأرباح فإنه لا يعتبر شريكا ولكن مجرد عامل بالأرباح والمعيار في التمييز بين هذا وذاك هو مدى استقلال أو تبعية مقدم العمل. 

بحيث إذا كان يقدم خدماته باستقلال تام عن الشركاء اعتبر عمله حصة صناعية وكان شريكا في الشركة. أما إذا كان تابعا في عمله إلى باقي الشركاء بحيث يتلقى منهم التوجيهات ويخضع لرقابتهم كان مجرد أجير تابع حتى ولو كان يحصل على نسبة من الأرباح.

والشريك الذي يلتزم بأن يقدم عمله حصة في الشركة لا يجب عليه فقط أن يؤدي الخدمات التي وعد بها، بل عليه أن يمتنع ، بالإضافة إلى ذلك ، عن منافسة الشركة بممارسة نشاط مماثل لنشاطها لحسابه الخاص أو لحساب الغير (الفصل 1004 ق لع)، من هنا فإن القانون ألزمه بأن يقدم حسابا للشركة عن كل ما کسبه منذ إبرام العقد، أي منذ بدأ قيامه بالعمل لحسابها (الفصل 999 قلع).

وإذا تبين أن الشريك مقدم الصحة الصناعية قد قام بعمليات لحسابه الخاص أو لحساب الغير بدون موافقة الشركاء كان لهؤلاء حق طلب إخراجه من الشركة، بالإضافة إلى أخذ العمليات لحسابهم، واستيفاء الأرباح الناتجة عنها أو مطالبته بالتعويض (الفصل 1004 ق ل ع) غير أن هذا الحكم لا يسري على الشريك الذي تكون له قبل الدخول في الشركة مساهمات معروفة مماثلة في مشروعات أخرى، أو كان يقوم بعلم الشركاء الآخرين بعمليات مماثلة، ولم يشترط عليه هؤلاء في العقد وجوب توقفه عنها (الفصل 1005 ق ل ع ).

وفي حالة توصل الشريك بالحصة الصناعية إلى اختراع جديد أثناء قيامة بالعمل - الحساب الشركة وحصوله على البراءة المتعلقة به فإنه لا يكون ملزما بتقديمها إلى الشركة إلا إذا كان العقد يشترط خلاف ذلك (الفصل 999 ق ل ع).
وإذا امتنع الشريك بالحصة الصناعية عن القيام بالخدمات التي التزم بها أو تعذر عليه القيام بذلك بسبب المرض أو عاهة، أو غير ذلك ترتب على ذلك انقضاء الشركة.

ويجب أن يقدر نصيب الشريك الذي يقدم عمله حصة في رأس المال بحسب أهمية ذلك العمل بالنسبة للشركة، ويسوغ أن يشترط أن يكون نصيبه في الأرباح أكبر من أنصبة باقي الشركاء وإذا قدم مثل هذا الشريك زيادة على مجمله نقودا أو قيما عينية أخرى في رأس المال وجب أن يكون نحيبه متناسبا مع ما قدمه من المال والعمل معا (الفصلان 1033 و1036 من ق ل ع).

ويلاحظ أن الحصة الصناعية لا تدخل في تكوين رأسمال الشركة لأنهاء باعتبارها التزاما معنويا، لا يمكن التنفيذ عليها، فلا يمكن بالتالي أن تشكل ضمانا لديون الدائنين. من هنا فإنه لا يجوز تقديمها حصة في شركات المساهمة والمسؤولية المحدودة، لأن هذه الشركات شركات أموال والحصة الصناعية لا تدخل في تكوين رأس المال. كما أنه لا يجوز للشريك الموصي أن يكتفي بتقديم عمله حصة في شركة التوصية، لأن مثل هذا الشريك. لا يسأل عن ديون الشركة إلا " بمقدار المبلغ الذي قدمه حصة فيها والعمل قيمة غير مادية لا يمكن تقويمها بالنقود.

المطلب الثاني: رأسمال الشركة

يتشكل رأسمال الشركة من مجموع الحصص النقدية والعينية، دون الحصص الصناعية، لأن هذه الأخيرة كما سبق وأن قلنا قيم غير مادية لا يمكن تقويمها بالنقود، وبالتالي لا تصلح للتنفيذ الجبري عليها، لذلك فهي لا تعتبر ضمانا لدائني الشركة، ومن ثم لا تدخل في تكوين رأسمال هذه الأخيرة.

ويلاحظ أن رأسمال الشركة يتطابق في بداية تشكيلها مع أصولها، التي تتمثل في هذه المرحلة كذلك في مجموع الحصص النقدية والعينية. غير أنه مع بداية مزاولة الشركة لنشاطها غالبا ما تنخفض تلك الأصول عن الرأسمال نتيجة المصاريف المترتبة عن بدء تشغيلها، ثم تعود إلى الارتفاع إذا ما حققت الشركة أرباحا، إلى أن تتجاوز الرأسمال المكتتب به.
وهذه الأصول هي التي تعبر عن الوضعية المالية للشركة وهي التي تشكل ضمانا للدائنين. من هنا فإنه يجب عدم الخلط بين رأسمال الشركة وبين ضمان....
للاطلاع على الكتاب و تحميله اضغط هنا


جديد قسم : كتب pdf