-->
بسم الله الرحمن الرحيم

المؤسسات الادارية المغربية


للاطلاع و تحميل الكتاب اضغط هنا

تقديم

عرفت الإدارة المغربية منذ الاستقلال تطورا كبيرا وصولا إلى الاستجابة لتوسع مهامها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وهكذا تضاعفت الإدارات المركزية، والجماعات المحلية وأجهزة التدخل العمومي أو الشبه العمومي في مختلف الأنشطة، وذلك بموازاة مع تزايد عدد الموظفين، وتعدد التشريعات والأنظمة.

وإذا كان أصحاب النظريات التنموية والاجتماعية للإدارات العمومية في البلدان النامية قد أثمنوا واستحسنوا هذا التطور، فإن هذا الأخير رغم ذلك لم يستجب كليا للآمال التي كانت معقودة عليه، فالانتقادات والاتهامات تضاعفت إذ ذاك، منددة بالبيروقراطية وعدم الفعالية، وبجمود الإدارة التي، بالإضافة إلى تجاهلها المرفق العمومي، تعرقل في غالب الأحيان عجلة التنمية بدل أن تكون محركا لها.

ومصدر هذه الانتقادات بدون شك، الملاحظون ولاسيما الجامعيون والمتخصصون في الإدارة العامة، ولكن مصدر هذه الانتقادات أيضا، المستفيدون من خدمات الإدارة) الذين يعتبرون معنيين بالاختلالات التي تطبع الإدارة في إطار نظام بتميز بتواجد هذه الأخيرة في كل مجال.

غير أنه ينبغي التأكيد على أن أعلى السلطات الإدارية والسياسية على وعي بالثغرات التي يشكو منها النظام الإداري، ويكفي مثلا إعادة قراءة الخطاب الذي ألقاه وزير الشؤون الإدارية بتاريخ 14 نونبر 1971 أمام مجلس النواب لإيجاد تحليل واف لهذه الثغرات والحلول الكفيلة بتجاوزها. لكننا لن نعود كثيرا الى الوراء فحديث الوزير الأول في يناير 1982 بصب في نفس الاتجاه، حين ندد ب «الإهمال وعدم الانضباط واللامبالاة، والحيف، كخاصيات تطبع في غالب الأحيان عمل الإدارة. وتبني خلال مجلس حكومي الخطوط العريضة لإصلاح جذري. وأخيرا فإن هذه الحقائق نفسها كانت مصدر القرار الملكي الصادر في 14 يونيو 1989 والرامي إلى تكسير الجمود وتعسف الإدارة، بحيث تقرر اعتبار طلب المصادقة على مشروع استثماري مقبولا إذا لم يتلق صاحب الطلب (المعني بالأمر) خلال شهرين جوابا من طرف الإدارة، كما أصبحت هذه الأخيرة ملزمة بتعليل قرارات الرفض الصادرة من لدنها.

ومع ذلك، وبالرغم من جميع هذه المساوئ، فإن الإدارة موجودة، ويلمس وجودها بومبا في مجال البناء، والري، والنقل، والعلاج، والثقافة.. الخ
ولن نكون منصفين، ولا واقعيين، إذا لم تسجل هذه الحقيقة بكل قوة فما تنجزه الإدارة وما حققته منذ الاستقلال جدير بالتسجيل.

بيد أنها مطالبة، بأفضل وأكثر من ذلك، على اعتبار أنها والحالة هذه ستظل تضطلع ولأمد طويل يدور حاسم في تنمية البلاد. إن الإدارة بحاجة لأكثر من الإصلاح، إنها بحاجة إلى تحول حقيقي، وفي هذا السياق كتب محرر المجلة الممتازة لا (الماليف) المأسوف على اختفائها، في معرض تعليقه على قرارات مجلس الحكومة المنعقد في يناير 1982 والمخصص المشاكل الإدارة: «إنها ملزمة بأن تكون في مستوى مطالب المواطنين الذين أصبحوا بعون أكثر فأكثر حقيقة بلد لا يمكنه أن ينمو ويتطور بدون تعبئة، ودولة أصبح لها حضور على جميع المستويات».

فلهذا السبب، ينبغي تطوير التعريف بالإدارة بمختلف مظاهرها وفهم خصوصيات تسييرها إذا ما أردنا التوفر على فكرة حول ما يمكن أن يقود إليه هذا التحول الحتمي للجهاز الإداري.

فمن هذا المنطلق، سنحاول من خلال الصفحات الآتية أن نستعرض بنوع من الدقة في حدود ما بسمع به حجم هذا المؤلف، الهياكل الإدارية ومبادئ تسييرها، وحقيقة أنشطتها بدون أن يغيب أبدا عن أذهاننا أن الأمر يتعلق بإدارة متواجدة في الزمان والمكان: إنها إدارة المملكة المغربية.

وسيضم هذا المؤلف سبعة فصول هي:
الفصل الأول: المبادئ العامة والمفاهيم الأساسية للتنظيم الإداري
الفصل الثاني: التطور التاريخي للإدارة
الفصل الثالث: إدارة الدولة
الفصل الرابع: اللامركزية: الجماعات المحلية
الفصل الخامس: الإدارة في مواجهة التنمية
الفصل السادس: الوظيفة العمومية
الفصل السابع: النظام الإداري

جديد قسم : كتب pdf