-->

الوجيز في نظرية الالتزامات و العقود

بسم الله الرحمن الرحيم

فصل تمهيدي: في الالتزام. والنظرية العامة

المبحث الأول: الالتزام

المطلب الأول: تعريفه

 عرف الفقهاء الالتزام بأنه: "رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن والأخر مدين، يترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الطرف الدائن، نقل حق عيني، أو القيام بعمل، أو الامتناع عن عمل.

فقد يكون محل الالتزام نقل حق عيني كالتزام بائع منقول أو عقار بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، فإذا وقع البيع على منقول معين بذاته، أو على عقار غير محفظ فإن ملكية المبيع تنتقل من البائع إلى المشتري بقوة القانون وبمجرد التعاقد، حسب المادة 491 من ق ل ع.

 أما إذا كان محل البيع عقارا محفظا فإن ملكية العقار المبيع لا تنتقل إلى المشتري إلا بتسجيله على اسمه في السجل العقاري حسب المادة 67 من ظهير التحفيظ العقاري.

وإذا كان محل البيع منقولا محددا بنوعه ومقداره كما في بيع عشرة أطنان من السكر من النوع الممتاز مثلا، فإن ملكية المبيع لا تنتقل إلى المشتري إلا بتعيين الكمية المبيعة تعيينا ذاتيا وإفرازها عن سواها.

وقد يكون محل الالتزام القيام بعمل كالتزام مؤجر بتسليم الماجور إلى المستأجر، أو التزام مهندس معماري بإنجاز مخطط بناء عهد إليه بإنجازه، أو التزام مستقرض برد مبلغ القرض إلى المقرض.

وقد يكون محل الالتزام الامتناع عن عمل كالتزام بائع مؤسسة تجارية بعدم فتح مؤسسة مشابهة تنافس المؤسسة المبيعة.

فمحل الالتزام إذن، إما أن يكون إيجابيا، وإما أن يكون سلبيا، فهو إيجابي إذا انصب على نقل حق عيني أو على القيام بعمل، وهو سلبي إذا قصد الامتناع عن عمل.

المطلب الثاني: الالتزام والحق الشخصي

يرى أكثر الفقهاء أن الالتزام مرادف للحق الشخصي، فالرابطة القانونية التي تربط. المدين بالدائن تعتبر التزاما إذا نظرنا إليها من ناحية المدين، وهي تعتبر حقا إذا نظرنا إليها من جهة الدائن.

المطلب الثالث: التمييز بين الالتزام والحق العيني

يتميز الالتزام أو الحق الشخصي عن الحق العيني
الالتزام أو الحق الشخصي -كما سبق- هو رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن، والآخر مدين، يترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الطرف الدائن نقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
أما الحق العيني، فهو سلطة يمارسها الشخص على شيء معين تمكنه من الحصول على المنفعة المرجوة من ذا الشيء بصورة مباشرة ودون وساطة أحد.

1- الالتزام المدني و الالتزام الطبيعي:
- الالتزام المدني: يرتب على الملتزم به الوفاء به تحت طيلة الجبر والقسر
- الالتزام الطبيعي: التزام أدبي وأخلاقي لا جبر فيه، كالتزام المتبرع بأداء الإحسان المتبرع به، والتزام المدين بأداء دينه الذي سقط بالتقادم.

2- الالتزام الإيجابي والإلتزام السلبية
- الالتزام الإيجابي: هو التزام بإعطاء شيء أو القيام بعمل كالتزام البائع بتسليم المبيع للمشتري، أو التزام المقاول بناء عمارة أو ترميمها.
- الالتزام السلبي: هو امتناع الملتزم بعدم القيام بعمل كالتزام التاجر بعدم فتح محل تجاري مماثل لمحل البائع.

3- الالتزام الأصلي والالتزام التبعية
الالتزام الأصلي: هو الالتزام المستقل الذي لا يكون تابعا ولا مستندا إلى التزام أخر، كالتزام البائع بتسليم المبيع للمشتري
- الالتزام التبعي: هو التزام تابع الالتزام أصلي، فالتزام الكفيل ممثلا- التزام تبعی، لأنه يتبع الدين الأصلي، ولا يقوم إلا بقيامه، كما أن عقد الرهن التزام تبعي لأنه تابع للدين.

4- الالتزام بنتيجة والالتزام بوسيلة:
قد يكون واجب الملتزم هو تحقيق نتيجة محددة، كأن يتعهد مقاول بناء عمارة معينة بمواصفات محددة خلال أجل محدد، أو تتعهد شركة نقل بنقل بضاعة معينة إلى مكان معين،
وقد يكون واجب الملتزم هو بذل عناية وجهد في سبيل تحقيق نتيجة، دون أن يلتزم بتحقيق النتيجة المرغوبة.
 فالطبيب يلتزم بعلاج المريض بقصد شفائه، ولكنه لا يضمن الشفاء والمحامي يلتزم بالدفاع عن موكله، ولا يضمن صدور الحكم لمصلحته.

فما يطلب من الطبيب والمحامي هو اتخاذ الوسائل المؤدية إلى تحقيق النتيجة، وفق أصول المهنة وتقاليدها، مع اتخاذ الحيطة والعناية اللازمين، دون أن يطلب بتحقيق النتيجة، ولذلك يسمى هذا الالتزام التزاما بوسيلة.

5- الالتزام الفوري والالتزام المستمرة
- التزام الفوري: هو التزام الذي يمكن تنفيذه دفعة واحدة فورا دون الحاجة إلى مضي زمن، كالتزام البائع في عقد البيع بتسليم المبيع.
- الالتزام المستمر: هو الالتزام الذي يحتاج تنفيذه إلى زمن مستمرة ومدة معينة، كعقد الكراء، والالتزامات السلبية كالتزام البائع بعدم التعرض للمشتري في حيازته واستعماله الشيء المبيع، والالتزام بعدم المنافسة التجارية
الأصلي.

المبحث الثاني: النظرية العامة للالتزامات

سيتناول هذا المبحث النظرية العامة للالتزامات من حيث تعريفها وأهميتها، والظرف التاريخي لوضع ق ل ع، ثم مضمون هذا القانون، وموضع نظرية الالتزامات منه.

المطلب الأول: تعريفها وأهميتها

 يشمل تعريف النظرية مستويين: اللغة والاصطلاح أولا- النظرية لغة:
النظرية في اللغة مشتقة من النظر، وهو تأمل الشيء بالعين، وجمعها نظريات (theories).
والنظرية "عبارة عن طائفة من الأراء تفسر بها بعض الوقائع العلمية أو الفنية وقيل: "هي جملة تصورات مؤلفة تأليفا عقليا تهدف إلى ربط النتائج بالمقدمات".

ولعل أجمع تعريف النظرية هو: "فرض علمي يربط عدة قوانین بعضها ببعض، ويردها إلى مبدأ واحد يمكن أن نستنبط منه حتما أحكاما وقواعد".
ثانيا- النظرية اصطلاحا:
النظرية في الاصطلاح القانوني هي: "موضوع يشتمل على مسائل أو قضايا قانونية عبارة عن أركان وشروط وأحكام... تقوم بين كل منها صلة قانونية تجمعها وحدة موضوعية تحكم...
للاطلاع او تحميل الموضوع كاملا اضغط هنا

جديد قسم : دروس القانون