-->
بسم الله الرحمن الرحيم 


أهمية الموضوع:

يكتسي موضوع الأطفال في نزاع مع القانون " الأحداث الجانحين " أهمية بالغة خاصة بالنظر إلى خصوصية الحدث التي تفرض تعاملا من نوع خاص يذهب إلى تأكيد ضرورة توفير ضمانات تصون الفرد من التعسف و ذلك بشكل يراعي شروط المحاكمة العادلة من طرف هيئات متخصصة تضع في الاعتبار مصلحة الحدث في كل إجراء تتخذه، خاصة و أنه قد تغيرت النظرة إلى الجاني استنادا إلى الأهداف التي أصبحت تلعبها العقوبة و هي الإصلاح و إعادة التأهيل.
كما أن أهمية حماية الأطفال في نزاع مع القانون تكتسي أهمية بالغة من عدة نواحي والتي تتجلي فيما يلي:

أ- الأهمية القانونية:

تظهر أهمية دراسة موضوع الأطفال في نزاع مع القانون في إبراز مدي كفاية التدابير والضوابط القانونية التي تهم هذه الأخيرة، حيث أن عدالة الأحداث تندرج ضمن الإشكالية الكبرى المتعلقة بالسياسة الجنائية الوطنية، خاصة بعد مصادقة المغرب النوعية على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وباقي المواثيق الدولية فإنه يطلق دعوى خاصة تمثلت في ملائمة القوانين الوطنية المتصلة بالطفولة مع مقتضياتها.

وهو ما يحتم علينا دراسة هذه المقتضيات وإبراز مدي نجاعتها في إعادة إدماج هؤلاء الأطفال داخل المجتمع، ونظرا إلى كون المشرع المغربي قد سار على نهج العديد من الدول التي عملت على إقرار مقتضيات قانونية لحماية الأطفال في نزاع مع القانون، وتوفير أرضية قانونية قادرة على حمايتهم فإنه كان لزاما علينا دراسة هذه المقتضيات ومقارنتها بما جاء في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب بهذا الخصوص.

ب- الأهمية العملية

ولأن الأحداث نواة المجتمع البشري فالمرحلة التي يمر بها الحدث مهمة جدا في بناء شخصيته كعضو من جيل المستقبل وكذا تحديد سلوكه المستقبلي و نتيجة للتطور الكبير في مجال حقوق الإنسان عالمية كإقرار الشرعية الدولية لحقوق الإنسان ( الإعلان العالمي و العهدين الدوليين و اتفاقية مناهضة التعذيب و اتفاقية حقوق الطفل )، فقد عرفت هذه الفئة نهضة حقوقية عصرية لحماية حقوق الطفل، على اعتبار أن الطفولة هي المخزون الإستراتيجي للشعوب، و بالتالي قادة المستقبل و ضمن هذه النهضة اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عددا من القواعد القانونية الحماية الأطفال في نزاع مع القانون، و تطورت النظرة لهذه الظاهرة، حيث أصبح يتم النظر لها باعتبارها ظاهرة اجتماعية تقتضي الرعاية و العناية و التأهيل لا العذاب و التجريم، فالطفل في نزاع مع القانون يعتبر في نظر الفقه و العلم الجنائي الحديث ضحية عوامل و ظروف شخصية و بيئية و اقتصادية و اجتماعية، أثرت في سلوكه، فدفعت به إلى التماس مع القانون.

ولأن حماية الأطفال في نزاع مع القانون لا تكتمل بالمقتضيات القانونية فقط فقد كان لزاما على الدول التي صادقت على المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي تهتم بهذه الفئة أن تترجم تلك المقتضيات القانونية المصادق عليها , من خلال إنزالها على أرض الواقع في شكل مؤسسات وهينات تهتم برعاية الأطفال الجانحين يكون هدفها الأساسي العمل على إدماجهم و تأهيليهم داخل المجتمع ومواجهة مختلف الصعوبات والمعيقات التي تقف حاجزا أمام طريق النهوض بهذه الفئة , خاصة أن حماية الأحداث وكرامة الإنسان أصبحت تشكل الرهان الأساسي داخل مختلف التنظيمات الدولية. سعيا الإدماج أحسن للأحداث في الحياة العامة بعد إطلاق سراحهم.

لذلك كان لابد من تسليط الضوء على هذه الفئة، حيث يشكل الأحداث الجانحون أو الأطفال في نزاع مع القانون مشكلة قانونية وقضائية في المجتمع تتمثل في ازدياد عدد جرائم الأحداث، خاصة مع ظهور اشكال جديدة للجريمة نتيجة للتطور الذي يشهده العالم في مختلف الميادين، الشيء الذي يحتاج إلى مزيد من الإجراءات الفعالة في سبيل مواجهة هذه الآفة، وتقليل عدد القضايا المعروضة على العدالة الجنائية بهذا الخصوص.

ومن هنا تأتي أهمية مناقشة تداول قانون المسطرة الجنائية لموضوع الأحداث ومدى إحاطته بالضمانات الكفيلة بتفعيل مضامينه تحقيقا لمصلحة الفرد والمجتمع.

الصعوبات:

قد واجهتنا العديد من الصعوبات في إعداد هذا البحث المتواضع، أولها صعوبة إجراء بحث ميداني نظرا لخصوصية الموضوع وحساسية أطرافه، بالإضافة إلى عدم وجود معطيات دقيقة حول وضعية الأطفال داخل المراكز والأحكام الصادرة عنهم، فقد استدعى الحصول على هذه المعطيات القيام بإحصاءات في مجموعة من السجلات، حيث لا توجد إحصاءات مقننة لدى الأجهزة المختصة مما يصعب معه تكوين فكرة حقيقية حول الموضوع
وقد تم التعامل مع الموضوع بحيطة وحذر نظرا لتعلقه بقانون المسطرة الجنائية التي تعد صمام الأمان بالنسبة للقانون الجنائي

إشكالية البحث:

وتتمحور إشكالية البحث حول تحليل التساؤلات أساسية ومحورية التالية
ما مدى تجسيد الشرعية و ضمانات حقوق الإنسان و مبادئ المحاكمة العادلة في القواعد الإجرائية، و ما هو مدى التفعيل السليم لنظم و أجهزة عدالة الأحداث على مستوى المساطر و الأليات الإجرائية و مدى تجاوبها مع أهداف سياسة الإدماج و إعادة التقويم، و إلى أي حد تلائم المقتضيات الإجرائية الخاصة بالأطفال في نزاع مع القانون المعايير الدولية و الواقع المغربي مواكبة لأسس الفلسفة الإصلاحية لرعاية هذه الفئة، و ما هي الصعوبات المعترضة أمام الهيئات القضائية المختصة التي تحول دون تحقيق الغايات المرجوة ؟

المنهج المعتمد:

سنلتزم في هذه الدراسة بمنهج البحث الذي يقوم على المزاوجة بين الجانب الوصفي الذي لا غنى عنه في دراسة أي مؤسسة قانونية مع الحرص التام على تجنب عدم الإطناب، والجانب التحليلي الذي يساعدنا في تحليل مضمون النصوص القانونية والأحكام و القرارات القضائية. كما سيتم الاعتماد على المنهج المقارن الذي يقيد في استطلاع التوجهات الجبائية الحديثة والمعاصرة، لنكون على ضوئها تصورا عاما حول إشكالية الأطفال في نزاع مع القانون، كما أن المنهج النقدي سيكون حاضرا في هذه الدراسة.

و من ثم فإن مقاربة الموضوع الأطفال في نزاع مع القانون يقتضي من الإجابة على مختلف الأسئلة التي بسطناها عند التقديم الإشكاليات البحث و ذلك بالتطرق للتشريعات الدولية و الوطنية في مجال الأطفال في نزاع مع القانون (الفصل الأول)، و ذلك من خلال اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل و مضمون اتفاقية حقوق الطفل في نزاع مع القانون.

من خلال ذكر المعايير الدولية لحماية الأطفال في نزاع مع القانون ثم معالجة الطفل الجائح في التشريع المغربي، مما يستدعي ضرورة التطرق للحقوق والضمانات الكفيلة لحماية الطفل في نزاع مع القانون.

مع ضرورة التطرق إلى الأليات المعتمدة في إدماج الأحداث الجانحين أو بالأحرى الأطفال في نزاع مع القانون والصعوبات التي تعترض عمل المؤسسات المختصة برعاية الأحداث في الفصل الثاني).

ولهذا ووفاء للتقسيم الثنائي فإننا سنعالج هذا الموضوع من خلال فصلين وذلك على الشكل الاتي:
الفصل الأول: التشريعات الدولية والوطنية في مجال الأطفال في نزاع مع القانون.
المبحث الأول: التشريعات الدولية في مجال الأطفال في نزاع مع القانون.
المبحث الثاني: حماية الطفل الجائح في التشريع المغربي
الفصل الثاني: الأليات المعتمدة في إدماج الأطفال في نزاع مع القانون
المبحث الأول: الآليات المعتمدة في إعادة إدماج الأحداث الجانحين عمل المؤسسات المختصة برعاية
المبحث الثاني: الصعوبات التي تعترض الأحداث
للاطلاع و التحميل اضغط هنا

جديد قسم : بحوث جامعية