-->

الاختصاص القضائي في الميدان الاقتصادي-pdf


بسم الله الرحمن الرحيم 

الاختصاص القضائي في الميدان الاقتصادي




 للاطلاع و تحميل البحث اضغط هنا

موضوع الاختصاص القضائي في الميدان الاقتصادي يثير في طياته كثيرا من المواضيع والمجالات والإشكاليات التي يمكن استعراضها، وفي مقدمتها تقييم تجربة القضاء المغربي في المجال الاقتصادي، ومقارنتها مع بعض التجارب القضائية على مستوى التشريعات المقارنة. وعملية التقييم هذه ستتم أولا من خلال دراسة تجربة المحاكم التجارية وإبراز أهم الإشكاليات التي تثيرها، خاصة فيما يتعلق باختصاصاتها ومدى قدرتها على تحريك الدعوى العمومية في جرائم الأعمال أو متابعتها، وثانيا عبر التطرق إلى دور المجلس الأعلى للحسابات في الحد من نزيف وإهدار المال العام، ومدى تمكنه من تفعيل الوظيفة القضائية الموكولة إليه، باعتباره أهم العناصر المكونة للمحاكم المالية، ثم سنتطرق بعد ذلك للحديث عن أقسام الجرائم المالية والجرائم التي تدخل ضمن دائرة اختصاصاتها. دون أن ننسى، بطبيعة الحال، بيان أهم الأسباب والدوافع الكامنة وراء فكرة وضرورة وجود قضاء اقتصادي متخصص.

فهل قدر لكل هذه التجارب القضائية والآليات القانونية (المحاكم التجارية، المجلس الأعلى للحسابات، أقسام الجرائم المالية المعدة حاليا لمواجهة الجريمة الاقتصادية والمالية النجاح في هدفها وتوفير الأمن القضائي الضروري لإنعاش الاقتصاد الوطني والحفاظ على استقراره؟ وهل يمكن الحديث عن قضاء اقتصادي متخصص في مجال الأعمال بالمغرب أم لا؟

وللإلمام بكل هذه الجوانب، سنعتمد على المنهج الوصفي، إلى المنهجين التحليلي والمقارن.
وعليه، سيكون تصميم هذه الدراسة على المنوال التالي:

الفصل الأول: القضاء الاقتصادي في التشريع المغربي والمقارن.
الفصل الثاني: ضرورة وجود قضاء اقتصادي متخصص.

الفصل الأول: القضاء الاقتصادي في التشريع المغربي والمقارن.

لقد ساد الاعتقاد قبل إنشاء المحاكم التجارية، وبعد إصدار قانون شركة المساهمة وباقي الشركات الأخرى، بأن المشرع المغربي سيسند الاختصاص في المنازعات الجنائية بين التجار إلى المحاكم التجارية. لكن وعلى عكس ذلك، جعل المشرع المغربي هذه المحاكم مختصة فقط في القضايا التجارية والمدنية دون القضايا الجنائية، بالرغم من توافرها على مؤسسة النيابة العامة، وذلك بخلاف بعض التشريعات المقارنة، التي عملت على إيجاد قضاء متخصص بيت فقط في قضايا الأعمال.

لكن، بالرغم من ذلك هناك مجموعة من الملامح التي تؤكد على وجود محاولة من طرف المشرع المغربي من أجل إيجاد قضاء متخصص في جرائم الأعمال، وبالضبط الجرائم المالية.
وعليه، سنحاول الإحاطة بتجربة المحاكم التجارية في التشريع المغربي عبر التطرق للأسباب الكامنة وراء عدم نجاح هذه التجربة بالشكل الذي كان منتظرة، ثم سنعمل على دراسة كل من التجربة الفرنسية، والتجربة المصرية، باعتبارهما التجربتان اللتان سارنا في اتجاه التأكيد على ضرورة إيجاد قضاء متخصص في جرائم الأعمال.

دون أن ننسى، بطبيعة الحال، القيام بمحاولة تلمس ملامح تجربة القضاء المتخصص في الجرائم الاقتصادية والمالية في التشريع المغربي، بالرغم من احتشام هذه التجربة واقتصارها فقط على الجرائم المالية الكلاسيكية التي تمس المال العام.

وبناء عليه، سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين، على الشكل التالي:
المبحث الأول: تجربة القضاء المغربي والمقارن في المجال الاقتصادي.
المبحث الثاني: ملامح القضاء المختص في الجرائم المالية بالمغرب.

المبحث الأول: تجربة القضاء المغربي والمقارن في المجال الاقتصادي.

لقد تطور مفهوم النظام العام حتى أضحى يشمل جوانب تهم الحياة الاقتصادية، ما حتم ضرورة تدخل القضاء الجنائي في ميدان الأعمال، قصد إضفاء المزيد من الموضوعية والشفافية على المعاملات التجارية، ومن تم تخليق الحياة الاقتصادية والحفاظ على استقرار النظام العام الاقتصادي. وللوصول لهذا المبتغى لابد من وجود قضاء منفتح على المحيط الاقتصادي، الوطني والعالمي على حد السواء، إذ لم يعد دور قاضي الأعمال يقتصر فقط على حل الخلافات الفردية، بل أصبح يشكل عاملا حاسما وفعالا في الواقع الاقتصادي.

وفي هذا الإطار، أكد جلالة الملك الحسن الثاني في خطاب له بالمجلس الأعلى بتاريخ 24 أبريل 1995 على أن : " المغرب إذا أراد أن ينفتح على العالم يجب أن يكون كذلك قضاؤه متفتحا، وفي مستوى قضاء العالم... لأنه لا يمكن لهذا المغرب أن يفتح أبوابه للمال الأجنبي إذا لم يكن ذلك المال الأجنبي عارفا أنه في مأمن من الشطط وسوء الفهم... فالقضاء اليوم لم يصبح فقط أساسا لطمأنينة الرعية والمجتمع بل أصبح ضروريا للنماء.

وإذا كان البعض قد سلم يأن إصدار القانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية هو خطوة هامة نحو تخصص القضاء المغربي في ميدان الأعمال، إلا أنه سرعان ما اتضح أن هذا الطرح لا يستقيم، حيث يظل القضاء العادي هو صاحب الاختصاص بالنسبة لجرائم الأعمال (المطلب الأول)، الشيء الذي يدفعنا للبحث عن معالم تجربة التخصص في التشريع المقارن (المطلب الثاني).

جديد قسم : بحوث جامعية