-->

فصل السلطات في الدستور المغربي- pdf -


بسم الله الرحمن الرحيم 

محتويات البحث

المبحث الأول: فصل السلط في النظام الدستوري المغربي
المطلب الأول: طبيعة النظام الدستوري ومراحل تطوره
الفقرة الأولى: مراحل تأسيس الملكية الدستورية
الفقرة الثانية: مراحل تطور النظام الدستوري 1962-2011
المطلب الثاني: فصل السلط في دستور 2011 بين التنصيص الدستوري والتطبيق الفعلي
الفقرة الأولى: فصل السلطات و تمييز اختصاصات كل سلطة
الفقرة الثانية : العلاقة بين السلطات
الفقرة الثالثة : استقلال السلطة القضائية
المبحث الثاني: مقارنة تطبيق مبدأ فصل السلط في بعض الديمقراطيات المعاصرة
المطلب الأول: النظام الرئاسي الأمريكي
الفقرة الأولى : السلطة التشريعية
الفقرة الثانية : السلطة التنفيذية
الفقرة الثالثة: السلطة القضائية المطلب الثاني : النظام شبه الرئاسي الفرنسي
الفقرة الأولى: بنية السلط و الفقرة الثانية : العلاقة ما بين السلط

المبحث الأول: فصل السلط في النظام الدستوري المغربي

أن الدارس للجدور التاريخية للنظام المغربي، سيتبين له أن الملك يوجد في مركز الألية المؤسساتية، بل هو محورها، بالنظر لاحتضانه شرعية تاريخية (إمارة المؤمنين القائمة على البيعة) لا ترقى اليها باقي المؤسسات الأخرى بحيث أن مكانته مكانة لا يحدها الدستور فقط (كما هو الشان بالنسبة لرؤساء الدول في النظم العصرية التي لا تقوم على تراكمات تاريخية متوالية) وإنما تحدد أولا بالشرعية الدينية الإمامة العظمی ) ثم بالشرعية التاريخية (توارث العرش إعمالا لهذه الشرعية من عهد الأدارسة) ثم الشرعية النضالية مشاركة الملك محمد الخامس الكفاح الوطني ومحنة المنفي).

المطلب الأول: طبيعة النظام الدستوري ومراحل تطوره

على غرار دول المغرب الكبير التي سارعت إلى إصدار دساتير بمجرد حصولها على الاستقلال لم يتأتى للمغرب ذلك إلى بعد أزيد من ست سنوات لاعتبارات سياسية كغموض وثيقة الاستقلال و غیاب برنامج واضح لتنظيم الحكم السياسي، ولعل ما يميز هذه الفترة هو الصراع حول السلطة السياسية في البلاد بين المؤسسة الملكية وحزب الاستقلال الذي انتهى بإقرار الملكية الدستورية.

الفقرة الأولى: مراحل تأسيس الملكية الدستورية

بعد حصول المغرب على استقلاله من نظام الحماية الفرنسي بدأت محاولات إعدادية الغرض منها إقرار نظام ملكية دستورية تعتمد على مؤسسات منتخبة وعلى فصل السلط وكان أول مراحلها تأسيس المجلس الوطني الاستشاري المحدث بظهير ملكي صدر في 3 غشت 1956 واعتبر كوسيلة تمكن الشعب من تدبير الشؤون العامة في دائرة ملكية دستورية تضمن المساواة والحرية والعدل للأمة وكان في الواقع وسيلة للحد من نقود حزب الاستقلال وتفادي أي تنازع حول السلطة التشريعية أو جزء منها لصالحها كون أن هذا المجلس الذي تأسس في عهد الاستقلال ظل قريبا من العرش وبعيدا عن السلطة، فبدل أن يكون منبثقة عن انتخابات حرة ومعبرة عن إرادة شعبية كان المجلس معينا من طرف الملك وبدلا ان يناط به في دور تقريري وتشريعي تم الزج به في دور استشاري .

ويلاحظ أن اختصاصات المجلس كانت استشارية فقط ولم تكن تقريرية ولا تشريعية فالمجلس يؤخذ رأيه في الميزانية العامة للدولة وفي ميزانيات الملحقة و الفرعية كما يستشار في المسائل الاقتصادية والاجتماعية التي يرى الملك عرضها على أنصاره بالنسبة للتمثيل داخل هذا المجلس فانه يقوم على تمثيل كل من النزاعات السياسية الوطنية وسائر المهن الحرة ومختلف المصادر الاجتماعية و الاقتصادية واستعمل فكر التمثيل هاته لنزع الطابع السياسي عن المجلس من جهة والحد من تفود حزب الاستقلال داخله من جهة أخرى ، فالهيئات السياسية لم تحظى إلا ب 22 مقعدا من بين 76 ومن ضمن هذه المقاعد لم يحظى حزب الاستقلال إلا ب 10 مقاعد في حين كان كل من حزب الشوری وحزب الاستقلال إلا ب6 مقاعد والأحرار 6 مقاعد أيضا.



لتاتي بعد ذلك مرحلة ثانية في تأسيس الملكية الدستورية بصدور العهد الملكي . صدر العهد الملكي في شكل خطاب وجهه المرحوم محمد الخامس إلى الأمة في 8 ماي 1958 اقر كثير من المبادئ الدستورية العامة مثل تزويد البلاد بأنظمة و مؤسسات سياسية دستورية يشارك فيها الشعب مباشرة في تسيير الشؤون العامة ، إقرار مبدا السيادة الشعبية و أن هذه السيادة تتجسد في الملك ، الذي هو الحفيظ عليها و إقرار مبادی حقوق الإنسان و الحريات الأساسية و كذا الفصل بين السلطة التشريعية و التنفيذية.

الأولى يباشرها الملك و المؤسسات التي يقيمها، والتنفيذية تختص بها الحكومة التي يحدد سلطاتها واختصاصات رئيسها وأعضائها بظهير شريف وقد أقر العهد الملكي لإنجاز المؤسسات التنفيذية وذلك بطريقة تدريجية تبدأ أولا بتأسيس المجالس البلدية والقروية والتي تختص بتسيير الشؤون الإدارية داخل تراب الجماعة مع وصاية قوية عليها من جانب السلطة المركزية ، ثم إنشاء المجلس الوطني التشريعي ينتخب من بين أعضاء المجالس البلدية و القروية وتكون اختصاصاته محدودة و أخيرا المجلس الوطني المنتخب الذي يتم انتخابه عن طريق الشعب.

 وفي التطور التاريخي نحو إعداد نظام ملكية دستورية يتعين الإشارة إلى الفترة الهامة الممتدة ما بين 1958 و 1960 حيث صدرت مجموعة من القوانين الهامة كقانون الحريات العامة الصادر في 15نونبر 1958 وفي فاتح شتنبر صدر ظهير يتعلق بانتخابات المجالس البلدية و القروية و قانون الجماعات المحلية في 23 يونيو 1960 تعد هذه القوانين خطوة هامة في طريق الديمقراطية وإقامة مؤسسات دستورية اعلن المرحوم محمد الخامس على إقامة ملكية دستورية قبل نهاية سنة 1962 قبل وفاته ليعتلي الملك الحسن الثاني عرش المغرب حيث اصدر القانون الأساسي للمملكة المغربية بمقتضى ظهير 2 يونيو 1961.

وقد تضمن هذا القانون البالغ الأهمية كثيرا من الأسس الدستورية المبنية لملامح الدولة مثل المغرب مملكة عربية إسلامية الإسلام دينها الأساسي و لغتها العربية و متابعة الكفاح لاستكمال الوحدة التراتبية والمغاربة متساوون أمام القانون لهم نفس الحقوق و عليهم تف الواجبات ، كان هذا بعض ما ينطوي عليه القانون الأساسي للدولة الصادر سنة 1961 وهو اخر مرحلة قبل وضع دستور1962 .

الفقرة الثانية: مراحل تطور النظام الدستوري 1962-2011

شهد المغرب أول تجربة دستورية سنة 1962، حيث اقترن بمرحلة انتقالية دامت حوالي ست سنوات ، و لعل ما يميز هذه المرحلة هو الصراع حول السلطة التأسيسية بين قوتين سیاسيتين كانتا رمزا للوطنية المغربية و مؤهلة لإدارة الشأن العام ، و الأكثر قدرة و كفاءة البلورة تصور عام للمؤسسات الدستورية الجديدة ، المؤسسة الملكية بمركزها السياسي القوي و بمشروعيتها الدينية و التقليدية والتي ستضاف اليها بعد عودة السلطان من المنفي.

مرحلة الملكية المتحكمة:
عرفت المراحل الممتدة ما بين 1962-1990 وجود ملكية متحكمة عملت على تثبيت مشروعيتها بأساليب متعددة ، و تميزت هذه اللحظة التاريخية و الانتقالية بشعور المجتمع و الفاعلون بالعجز والشلل و ساد فيها الشك في المبادئ و الأشخاص و في تركيبة النظام ، و هذه الحظة في تاريخ الأنظمة السياسية غالبا ما يكون الهاجس الرئيسي فيها هو إنشاء المشروعية.
و منذ 1990 وامام العديد من المتغيرات الدولية ،عرف المغرب انفتاحا سياسيا كان اهم عنوانه التعامل الإيجابي مع أحزاب المعارضة ،و اطلاق صراح المعتقلين السياسيين.

دخل النظام السياسي المغربي خلال المرحلة في أزمة أختلت فيها التوازنات المؤسساتية التي جسدتها أساسا المؤسسة البرلمانية حيث فشلت تجربتين سياسيتين (1966-1965) و تجربة (1971-1970) كما عرف برلمان 1977 العديد من الإكراهات كانسحاب المعارضة من البرلمان كانت حصيلة هذا السياق المازوم هو إعلان الاستثناء جمود النظام السياسي وتهميش الأحزاب السياسية، و هي عوامل فتحت المجال التدخل الجيش كعنصر جديد في المعادلة السياسية بالمغرب ، و محاولة لفرض نمط جني للمشروعية.

تترتب عن هذه المعطيات جمود النظام و عزلته و ضعف قدرته على التعبئة و بالتالي تناقض مشروعيته و في هذا السياق المازم سيعلن الملك "فجأة عن تنظيم استفتاء تأسيسي، وإنهاء حالة الاستثناء بقبول قاعدة الدستور الجديد ، ولأن المصادقة على دستور 1970و 1972 لم تصل دون تفاقم أزمة النظام السياسي نظرا لانعدام التوازن المؤسساتي مما كرس القطيعة بين المعارضة و المؤسسة الملكية ، فالدستور الجديد قوی من سلطات الملك و قلص سلطات الوزير الأول حيث أصبحت السلطة التنظيمية من اختصاص الملك ،كما أضعفت سلطة البرلمان سواء من حيث هيكلته ومكانته واختصاصاته في النظام السياسي، ظلت الحياة السياسية المغربية بعد دستور مارس 1972.

 وبعد المحاولة الثانية للانقلاب وأحداث 1973 في جمو سياسي حيث ظل الخلاف بين الفاعلين السياسيين قائما رغم محاولات الانفتاح السياسي فتطبيق دستور1972 لم يبدأ عمليا إلا بعد مرور خمس سنوات على المصادقة عليه ، حيث دشن العاهل المغربي مرحلة انتقالية مارس فيها كامل السلطات التشريعية والتنفيذية في انتظار إقامة المؤسسة الدستورية ودلك تطبيقا للفصل 102 من الدستور، قد عمل العاهل المغربي خلال هذه المرحلة موقع الزعامة ويخرج النظام السياسي من الطريق المسدود".

سيترتب عن هذه الوضعية التراجع المتواصل للقدرة التوزيعية للدولة وضعف مواردها غير الثابتة والمحدودة ، وبالتالي تناقص مشروعيتها السياسية، وفي هذا الإطار السياسي المازوم حاول الملك تقديم حلول لتجاوز هذه الوضعية، من خلال البحث عن الموارد لدعم قدرة الدولة التوزيعية بالاعتماد على المؤسسات المالية الدولية من خلال نهج سياسة "التقويم الهيكلي "، وفي هذه السياق عرف المحيط الدولي العديد من المتغيرات كانهيار المعسكر الاشتراکی، واتجاه المنتظم الدولي إلى الضغط على العديد من الدول من أجل احترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا. ومنذ 1990 عرف المغرب نوعا من الانفتاح السياسي وبدا التواصل الإيجابي مع أحزاب المعارضة ، واطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

المرحلة الثانية: مرحلة بناء الثقة بين المؤسسات: دستور1992- 1996
امتدت هذه المرحلة ما بين 1992 الى حدود تنصيب حكومة التناوب 1998 ارتبطت بمحاولات بناء الثقة بين الفاعلين السياسيين أي بين الملكية والمعارضة ، ومحاولة تجاوز الاختلال المؤسساتي الناتجة عن الأزمة التمثيلية وضعف القدرة التوزيعية للدولة عبر توافقات سياسية، واستراتيجيات خطابية حول مفاهيم متعددة كإصلاح السياسي، وتوافق السياسي والتراضي وهي الحالة التي عرفها المغرب خلال عقد التسعينيات وامتدت ما بين 1990 إلى حدود تنصيب حكومة التناوب 1998 عرفت الحياة السياسية المغربية المنبثقة عن الحركة الوطنية لمفهوم السلطة ، حيث قبلت هذه الأخيرة ممارسة المعارضة من داخل البناء المؤسساتی و قبلت بثوابت النظام السياسي و بقواعد مشروعيته.

 كما حددت معالمه المؤسسة الملكية، و أما هذا التحول في سلوك الأحزاب المعارضة ، أصبح رهان المؤسسة الملكية هو الحفاظ و ضمان استمرارية مشروعيتها وتحقيق هذا الرهان تطلب البحث عن اليات سياسية و مؤسساتية جديدة تتمكن من اشتغال النظام السياسي بشكل يضمن تزايد مشروعية السلطة السياسية الملكية ولعل هذا ما سينعكس على العلاقة بين مكونات النظام السياسي حيث بلور الفاعلون السياسيون مضامين متعارضة لهذه الأليات السياسية و المؤسساتية ، مما أدى إلى عودة النقاش حول المسألة الدستورية و لكن في سياق اخر و بخطاب جديد كالإصلاح السياسي و التناوب السياسي.

عملت الملكية خلال هذه المرحلة على إشراك الأحزاب المعارضة في الإصلاحات الدستورية ، حيث تقدمت بالعديد من الاقتراحات و التصورات بخصوص دستور 1992 و1996 إلا أن الملك كان يحرك مسطرة التعديل الدستوري ، و ذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف:
أولا: التاكيد بان المؤسسة الملكية في المالك الأصلي للسلطة التأسيسية في جميع مظاهرها ، مما مكن الملك من تجاوز الأحزاب السياسية المعارضة ،كما مكنته من الحد من طموحاته الهادفة إلى المشاركة في بلورة التعديلات الدستورية (أي المشاركة في السلطة التأسيسية الفرعية ).

تانيا: تقديم العديد من الإجابات على الطلبات الموجهة إلى النظام السياسي سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي(دسترة الالتزام باحترام حقوق الإنسان ولإعادة الثقة للمنظمات الدولية في الإدارة السياسية للحاكمين بالمغرب ). تالتاء بلورة آليات جديدة لاشتغال النظام السياسي ، و ذلك لتفعيل العمل والأداء الحكومي و البرلماني، من خلال توسيع اختصاصات السلطة التنفيذية و التشريعية و إعادة تنظيم العلاقة بينهما.

المرحلة الثالثة :الانفتاح السياسي وهي المرحلة التي تميزت بانتقال العرش سنة.1998-2011
امتدت هذه المرحلة مند وصول الأحزاب السياسية المعارضة للمشاركة في تدبير الشأن العام، في اطار ما يسمى بحكومة "التناوب التوافقي "وبانتقال العرش في يوليوز 1999 بوفاة الملك الحسن الثاني و تنصيب محمد السادس على عرش المملكة، إلى حدود دستور فاتح يوليوز 2011 والذي جاء بعد الحراك الاجتماعي الذي انطلق في 20 فبراي2011...

 لتحميل البحث اضغط هنا

جديد قسم : بحوث جامعية